وهو في الواقع أقصر طريق يربط بين ساحل البحر الأحمر والوادي. ولعل سهولة
الوصول إلي القصير كان بمثابة نعمة ونقمة علي المدينة في آن واحد.
وعندما وصلت الإمبراطورية العثمانية إلي ذروة مجدها في القرنين
السادس عشر والسابع عشر ميلادياً واحتلت مصر، أمر السلطان العثماني
سليم الأول ( الذي يعرف أيضاً باسم سليم العابس ) بتشييد حصن
القصي ر لحماية الميناء التجاري وضمان سلامة آلاف المسلمين الذين
يمرون في هذه المنطقة في طريقهم إلي الحج. وبعد عدة قرون، أدرك
الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الأهمية الإستراتيجية للمدينة
وأرسل سفنه الحربية للاستيلاء عليها من البحر، ولكن تأتي الرياح
بما لا تشتهي السفن ، حيث هبت ريح عاتية دفعت السفن الأربعة علي
مقربة من الشاطئ وجعلتها في مرمي مدافع الحصن، وفي لحظات معدودة،
تحطم الأسطول وكانت فتره إقامة الفرنسيين في القصير محدودة ومحفوفة
بالاضطرابات ففي شهر أغسطس من نفس العام قصف الأسطول البريطاني حصن
القصير بقوه وأعيد بناء الحصن لاحقا في عهد محمد على باشا الذي
استخدمه كقاعدة لحملاته العسكرية ضد الوهابيين في ارض الحجاز (
المملكة السعودية حاليا ) خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر .
وبانتهاء حملات محمد على الحربية على الحجاز انطوت صفحه التاريخ العسكري
لمدينه القصير إلى الأبد وعاد الميناء المطل على البحر الأحمر إلى
دوره القديم كهمزه وصل بين الشرق والغرب . ولكن هذا العصر الذهبي
لم يستمر طويلا لأنه عندما افتتح خط السكك الحديدية الذي يربط بين
السويس والقاهرة عام 1850 بدأ التجار والحجاج يستخدمون ميناء
السويس نظرا لسهوله السفر إليه . وفى عام 1864 اجتاحت القصير مجاعة
شديدة أتت على عدد كبير من سكانها الذين انخفض عددهم من 8 ألاف إلى
800 نسمه فقط وجاءت الضربة الأخيرة عندما افتتحت قناة السويس عام
1869 وتضاءلت أهميه القصير كمدينه تجاريه.
وعاد الحظ ليبتسم للقصير من جديد عندما بدأت شركة البحر الأحمر الإيطالية
للفوسفات تستثمر في المدينة والمنطقة المحيطة بها. ولم يأت
الإيطاليون بالمال فحسب، بل جاءوا بلمسة من أسلوب عصر النهضة.
فعندما تتجول بين الأحياء القديمة بالمدينة، ستروق لك أشكال
العمارة الهندسية الرائعة وكنيسة السيدة العذراء مريم للأقباط
الأرثوذكس التي أقامتها الشركة الإيطالية لعمالها وكانت في الأصل
تسمي كنيسة القديسة باربرا " حامية المناجم ".
وبعد انتهاء عصر التعدين منذ فترة طويلة، أصبحت القصير مدينة صديقة للبيئة
تفتح ذراعيها للسائحين خاصة وأنها تتميز بمناطق شعاب مرجانية خلابة
تجتذب أعداداً كبيرة من هواة الغطس. ونظراً لأن الشعاب المرجانية
تنمو بمعدل سنتيمتر مربع واحد كل مائة عام. فقد وضع المسئولون
المحليون ومراكز الغوص عدداً من القواعد والبرامج لحماية الحياة
البحرية في البحر الأحمر.
فعلي سبيل المثال، لا يسمح للقوارب بان تلتقي مراسيها في منطقة مرسي أبو
دباب المجاورة التي تعتبر موطناً طبيعياً لحيوانات " الأطوم" التي
تعرف أيضا باسم " بقر البحر" نظراً لضخامة حجمها وطبيعتها الهادئة
واعتمادها في غذائها علي النباتات . ويعتبر الأطوم من أروع
الثدييات البحرية وأغربها علي مستوي العالم إلا أنها من الحيوانات
المهددة بالانقراض.
ولا تقتصر عناصر الجذب في القصير علي مواقع الغوص والروايات التاريخية بل
يوجد بها أيضاً سوق تجاري يزخر بالمنتجات الجديرة بالشراء، كما أن
طقسها
الخلاب علي مدار السنة يجعلها موقعاً ممتازاً للاستجمام بعد رحلة حافلة في
صعيد مصر.
|